ملامح ومقومات الحاكم المسلم فى القرآن والسنة
بقلم: محمود عبدالعظيم
حازم ابواسماعيل
مع فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية نذكر كل من يرى فى نفسه الكفاءة السياسية والعملية للرئاسة بشروط الحاكم فى الإسلام، ومدى الأمانة والمسئولية التى ستوضع فى عنقه، حيث اشترط الله تعالى فى كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم شروطاً يجب توافرها فى الحاكم الذى يلى أمر المسلمين، والمسلمون مقيدون فى اختيارهم للحاكم بهذه الشروط، فماذا عنها؟
أولاً: الإسلام: يجب أن يكون الحاكم مسلماً، فالإمام يقوم بحراسة الدين، والإسلام شرط فى كل ولاية عامة، فإن كان الإمام كافراً أو منافقاً أو مشكوكاً فى إيمانه، فإنه لا يصلح لهذه الإمامة.
فلا تصح ولاية الكافر مطلقاً، ولا تجب طاعته، قال تعالى «ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً» النساء: جزء من الأية 141.
والحكم هو أقوى سبيل للحاكم على المحكوم، والتعبير بلن المفيدة للتأييد قرينة للنهى الجازم عن أن يتولى الكافر أى حكم مطلقاً على المسلمين، وما دام الله تعالى قد حرم ان يكون للكافرين على المؤمنين سبيل، فإنه يحرم على المسلمين أن يجعلوا الكافر حاكماً عليهم، كما ان الحاكم هو ولى الأمر، والله سبحانه وتعالى قد اشترط ان يكون ولى أمر المسملين مسلماً، قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولى الأمر» (النساء 59) وقال تعالى: «وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى أولى الأمر منهم» (النساء 83) ولم ترد فى القرآن كلمة «أولى الأمر» إلا مقرونة بأن يكونوا من المسلمين، فدل ذلك على أن ولى الأمر يشترط فيه أن يكون مسلماً.
ثانياً: العدالة ويراد بالعدالة السلوك القويم إزاء الرعية والتحلى بالأخلاق الفاضلة، فيجب أن يكون الحاكم عدلاً، فإن كان فاسقاً لم تنعقد إمامته، والعدالة شرط لازم لانعقاد الولاية ولاستمرارها.
ولقد أمر الله تعالى بالعدل والقسط: قال تعالى: «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون» «النحل 90»، وقال تعالى «سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئاً وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين» المائدة: 42، وقال تعالى: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرو هم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ( (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون (9)» سورة الممتحنة.
عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله الإمام العادل.» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المقسطين، عند الله، على منابر من نور، عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون فى حكمهم وأهليهم وما ولوا». عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: «إنك ستأتى قوما أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات فى كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أعنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب». وعن ابى موسى رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته قال ثم قرأ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد»
ومن العدالة الصدق والوفاء والحفظ والأمانة قال النبي صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان».
ولقد حرم الله تعالى أن يستغل صاحب الولاية أيا كانت مرتبته هذا المنصب لتحقيق مصالحه الشخصية ومنافعه الذاتية، عن خولة الأنصارية رضى الله عنها قالت سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «إن رجالا يتخوضون فى مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة». «يتخوضون فى مال الله بغير حق» أى يتصرفون فى مال المسلمين بالباطل، وفى ذلك ردع للولاة أن يأخذوا من المال شيئاً بغير حقه أو يمنعوه من أهله، فمن أخذ مالا من الأموال العامة مستغلاً منصبه متوصلاً بولايته إلى ما لا يحل له فليستمع الى الزجر الشديد والوعيد الاكيد، عن عدى بن عميرة الكندى، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه، كان غلولاً يأتى به يوم القيامة.» مخيطا: الابرة
ومن العدالة سد حاجات الناس وعدم الاحتجاب دون حاجاتهم وخلتهم وفقرهم: فيجب على الوالى أن يسمع لحاجات الرعية، وأن يحرص على البحث عن شئونهم، والتحرى عن كل ما يصلح أوضاعهم، وألا يجعل بينه وبينهم ما يحجبه عن أحوالهم، فعن أبى مريم الأزدى رضى الله عنه قال دخلت على معاوية رضى الله عنه فقال: ما أنعمنا بك أبا فلان وهى كلمه تقولها العرب. فقلت: حديثاً سمعته أخبرك به سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من ولاه الله عز وجل شيئاً من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره» قال: فجعل رجلاً على حوائج الناس.
ومن العدالة الرفق والرحمة والتيسير: إذ يجب على ولى الأمر الرفق بالرعية والشفقة عليهم والرحمة بهم، فعن الحسن، ان عائذ بن عمرو، وكان من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أى بنى! إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن شر الرعاء الحطمة»، فإياك ان تكون منهم، فقال له اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. فقال: وهل كانت لهم نخالة؟ إنما النخالة بعدهم، وفى غيرهم.
«الرعاء» الأمراء و«الحطمة» العنيف القاسى الذى يظلم من تحت رعيته، ولا يرق لهم ولا يرحمهم، و«نخالة» يعنى لست من فضلائهم وعلمائهم وأهل المراتب منهم، بل من سقطهم والنخالة، هنا، استعارة من نخالة الدقيق وهى قشوره، والنخالة والحثالة والحفالة بمعنى واحد، «وهل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفى غيرهم» هذا من جزل الكلام وصحيحه وصدقه الذى ينقاد له كل مسلم، فإن الصحابة رضى الله عنهم كلهم هم صفوة الناس وسادات الامة وافضل ممن بعدهم وفيمن بعدهم كانت النخالة.
عن عبدالرحمن بن شماسة قال: أتيت عائشة أسألها عن شىء فقالت: ممن أنت؟ فقلت: رجل من أهل مصر. فقالت: كيف كان صاحبكم لكم فى غزاتكم هذه؟ فقال: ما نقمنا منه شيئاً. إن كان ليموت للرجل منا البعير، فيعطيه البعير. والعبد، فيعطيه العبد. ويحتاج إلى النفقة، فيعطيه النفقة، فقالت: أما إنه لا يمنعنى الذى فعل فى محمد بن ابى بكر، أخى، أن أخبرك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول فى بيتى هذا: «اللهم! من ولى من أمر أمتى شيئاً فشق عليهم، فاشقق عليه. ومن ولى من أمر أمتى شيئاً فرفق بهم، فارفق به».
ومن العدالة الشورى: فالله جل وعلا يقول لسيد الحكام وشاورهم فى الأمر فقال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) آل عمران: 159
ومن العدالة اختيار الأكفاء: يجب علي ولى أمر المسلمين أن يتقى الله فى اختيار وزرائه وبطانته وعماله وموظفيه، فيحرص على اختيار الأكفاء ذوى القوة والأمانة الذين يختارون لكفاءتهم وعدالتهم وأمانتهم، دون نظر لمحسوبية مقيته، ولا اعتبار لمصالح شخصية أو عرقية، أو شهادات ورقية، قال تعالى: «قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين» القصص 26.
ومن العدالة النصح والإخلاص للرعية: يجب على كل من تولى أى ولاية للمسلمين أن ينصح لهم ويخلص فى خدمتهم وأن يصدق فى رعاية حاجاتهم، قال النبى صلى الله عليه وسلم»: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» وفى رواية «فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة» متفق عليه. وفى رواية لمسلم:« ما من أمير يلى أمر المسلمين، ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة».
قال النبى صلى الله عليه وسلم: «إن الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم»
ثالثا: العلم والاجتهاد والكفاية العلمية: حيث اشترط العلماء فى الحاكم أن يكون مجتهداً فى دين الله تعالى: أى يشترط فى الحاكم الكفاية العلمية، قادراً على الاجتهاد واستنباط الاحكام الشرعية، وأن يكون عليما بأحوال عصره وبيئته وأمته، فإن كان جاهلاً أو مقلداً لم تصح إمامته، وقد حكى ابن حزم وابن تيمية وابن عبدالبر الاجماع على أن المقلد والجاهل لا تنعقد إمامته، وإنما يشترط فى الإمامة أن يكون مجتهداً فى دين الله. ومن العلم والعقل حصافة الرأى فى القضايا السياسية والحربية والاقتصادية والإدارية. وذلك ليستطيع اتخاذ القرارات الحكيمة فى مختلف الاحوال التى تعترضه.
رابعاً: قوة الايمان والبدن والعقل والنفس: يجب أن يكون الحاكم قوياً قادراً على القيام بأعباء الحكم، لأن ذلك من مقتضى البيعة، إذ إن العاجز لا يقدر على القيام بشؤون الرعية بالكتاب والسنة اللذين بويع عليهما.
ومن القوة العقل: يجب أن يكون الحاكم عاقلاً: فلا يصح أن يكون مجنوناً، لأن العقل مناط التكليف، وشرط لصحة التصرفات، ومن القوة الشجاعة: يجب أن يكون الحاكم جلداً متصفاً بالشجاعة والنجدة لا تهزه الكوارث ليتاح له حماية الرعية.
خامساً: الذكورة ـ يجب أن يكون الحاكم ذكراً فلا يجوز ان يكون أنثى، أى لا يصح لامرأة أن تتولى إمارة أو ولاية او خلافة[center][right]
بقلم: محمود عبدالعظيم
حازم ابواسماعيل
مع فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية نذكر كل من يرى فى نفسه الكفاءة السياسية والعملية للرئاسة بشروط الحاكم فى الإسلام، ومدى الأمانة والمسئولية التى ستوضع فى عنقه، حيث اشترط الله تعالى فى كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم شروطاً يجب توافرها فى الحاكم الذى يلى أمر المسلمين، والمسلمون مقيدون فى اختيارهم للحاكم بهذه الشروط، فماذا عنها؟
أولاً: الإسلام: يجب أن يكون الحاكم مسلماً، فالإمام يقوم بحراسة الدين، والإسلام شرط فى كل ولاية عامة، فإن كان الإمام كافراً أو منافقاً أو مشكوكاً فى إيمانه، فإنه لا يصلح لهذه الإمامة.
فلا تصح ولاية الكافر مطلقاً، ولا تجب طاعته، قال تعالى «ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً» النساء: جزء من الأية 141.
والحكم هو أقوى سبيل للحاكم على المحكوم، والتعبير بلن المفيدة للتأييد قرينة للنهى الجازم عن أن يتولى الكافر أى حكم مطلقاً على المسلمين، وما دام الله تعالى قد حرم ان يكون للكافرين على المؤمنين سبيل، فإنه يحرم على المسلمين أن يجعلوا الكافر حاكماً عليهم، كما ان الحاكم هو ولى الأمر، والله سبحانه وتعالى قد اشترط ان يكون ولى أمر المسملين مسلماً، قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولى الأمر» (النساء 59) وقال تعالى: «وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه الى الرسول والى أولى الأمر منهم» (النساء 83) ولم ترد فى القرآن كلمة «أولى الأمر» إلا مقرونة بأن يكونوا من المسلمين، فدل ذلك على أن ولى الأمر يشترط فيه أن يكون مسلماً.
ثانياً: العدالة ويراد بالعدالة السلوك القويم إزاء الرعية والتحلى بالأخلاق الفاضلة، فيجب أن يكون الحاكم عدلاً، فإن كان فاسقاً لم تنعقد إمامته، والعدالة شرط لازم لانعقاد الولاية ولاستمرارها.
ولقد أمر الله تعالى بالعدل والقسط: قال تعالى: «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون» «النحل 90»، وقال تعالى «سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئاً وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين» المائدة: 42، وقال تعالى: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرو هم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ( (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون (9)» سورة الممتحنة.
عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله الإمام العادل.» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن المقسطين، عند الله، على منابر من نور، عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون فى حكمهم وأهليهم وما ولوا». عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: «إنك ستأتى قوما أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات فى كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أعنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب». وعن ابى موسى رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته قال ثم قرأ وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد»
ومن العدالة الصدق والوفاء والحفظ والأمانة قال النبي صلى الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان».
ولقد حرم الله تعالى أن يستغل صاحب الولاية أيا كانت مرتبته هذا المنصب لتحقيق مصالحه الشخصية ومنافعه الذاتية، عن خولة الأنصارية رضى الله عنها قالت سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «إن رجالا يتخوضون فى مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة». «يتخوضون فى مال الله بغير حق» أى يتصرفون فى مال المسلمين بالباطل، وفى ذلك ردع للولاة أن يأخذوا من المال شيئاً بغير حقه أو يمنعوه من أهله، فمن أخذ مالا من الأموال العامة مستغلاً منصبه متوصلاً بولايته إلى ما لا يحل له فليستمع الى الزجر الشديد والوعيد الاكيد، عن عدى بن عميرة الكندى، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه، كان غلولاً يأتى به يوم القيامة.» مخيطا: الابرة
ومن العدالة سد حاجات الناس وعدم الاحتجاب دون حاجاتهم وخلتهم وفقرهم: فيجب على الوالى أن يسمع لحاجات الرعية، وأن يحرص على البحث عن شئونهم، والتحرى عن كل ما يصلح أوضاعهم، وألا يجعل بينه وبينهم ما يحجبه عن أحوالهم، فعن أبى مريم الأزدى رضى الله عنه قال دخلت على معاوية رضى الله عنه فقال: ما أنعمنا بك أبا فلان وهى كلمه تقولها العرب. فقلت: حديثاً سمعته أخبرك به سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من ولاه الله عز وجل شيئاً من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره» قال: فجعل رجلاً على حوائج الناس.
ومن العدالة الرفق والرحمة والتيسير: إذ يجب على ولى الأمر الرفق بالرعية والشفقة عليهم والرحمة بهم، فعن الحسن، ان عائذ بن عمرو، وكان من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أى بنى! إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن شر الرعاء الحطمة»، فإياك ان تكون منهم، فقال له اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. فقال: وهل كانت لهم نخالة؟ إنما النخالة بعدهم، وفى غيرهم.
«الرعاء» الأمراء و«الحطمة» العنيف القاسى الذى يظلم من تحت رعيته، ولا يرق لهم ولا يرحمهم، و«نخالة» يعنى لست من فضلائهم وعلمائهم وأهل المراتب منهم، بل من سقطهم والنخالة، هنا، استعارة من نخالة الدقيق وهى قشوره، والنخالة والحثالة والحفالة بمعنى واحد، «وهل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفى غيرهم» هذا من جزل الكلام وصحيحه وصدقه الذى ينقاد له كل مسلم، فإن الصحابة رضى الله عنهم كلهم هم صفوة الناس وسادات الامة وافضل ممن بعدهم وفيمن بعدهم كانت النخالة.
عن عبدالرحمن بن شماسة قال: أتيت عائشة أسألها عن شىء فقالت: ممن أنت؟ فقلت: رجل من أهل مصر. فقالت: كيف كان صاحبكم لكم فى غزاتكم هذه؟ فقال: ما نقمنا منه شيئاً. إن كان ليموت للرجل منا البعير، فيعطيه البعير. والعبد، فيعطيه العبد. ويحتاج إلى النفقة، فيعطيه النفقة، فقالت: أما إنه لا يمنعنى الذى فعل فى محمد بن ابى بكر، أخى، أن أخبرك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول فى بيتى هذا: «اللهم! من ولى من أمر أمتى شيئاً فشق عليهم، فاشقق عليه. ومن ولى من أمر أمتى شيئاً فرفق بهم، فارفق به».
ومن العدالة الشورى: فالله جل وعلا يقول لسيد الحكام وشاورهم فى الأمر فقال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) آل عمران: 159
ومن العدالة اختيار الأكفاء: يجب علي ولى أمر المسلمين أن يتقى الله فى اختيار وزرائه وبطانته وعماله وموظفيه، فيحرص على اختيار الأكفاء ذوى القوة والأمانة الذين يختارون لكفاءتهم وعدالتهم وأمانتهم، دون نظر لمحسوبية مقيته، ولا اعتبار لمصالح شخصية أو عرقية، أو شهادات ورقية، قال تعالى: «قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين» القصص 26.
ومن العدالة النصح والإخلاص للرعية: يجب على كل من تولى أى ولاية للمسلمين أن ينصح لهم ويخلص فى خدمتهم وأن يصدق فى رعاية حاجاتهم، قال النبى صلى الله عليه وسلم»: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» وفى رواية «فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة» متفق عليه. وفى رواية لمسلم:« ما من أمير يلى أمر المسلمين، ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة».
قال النبى صلى الله عليه وسلم: «إن الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم»
ثالثا: العلم والاجتهاد والكفاية العلمية: حيث اشترط العلماء فى الحاكم أن يكون مجتهداً فى دين الله تعالى: أى يشترط فى الحاكم الكفاية العلمية، قادراً على الاجتهاد واستنباط الاحكام الشرعية، وأن يكون عليما بأحوال عصره وبيئته وأمته، فإن كان جاهلاً أو مقلداً لم تصح إمامته، وقد حكى ابن حزم وابن تيمية وابن عبدالبر الاجماع على أن المقلد والجاهل لا تنعقد إمامته، وإنما يشترط فى الإمامة أن يكون مجتهداً فى دين الله. ومن العلم والعقل حصافة الرأى فى القضايا السياسية والحربية والاقتصادية والإدارية. وذلك ليستطيع اتخاذ القرارات الحكيمة فى مختلف الاحوال التى تعترضه.
رابعاً: قوة الايمان والبدن والعقل والنفس: يجب أن يكون الحاكم قوياً قادراً على القيام بأعباء الحكم، لأن ذلك من مقتضى البيعة، إذ إن العاجز لا يقدر على القيام بشؤون الرعية بالكتاب والسنة اللذين بويع عليهما.
ومن القوة العقل: يجب أن يكون الحاكم عاقلاً: فلا يصح أن يكون مجنوناً، لأن العقل مناط التكليف، وشرط لصحة التصرفات، ومن القوة الشجاعة: يجب أن يكون الحاكم جلداً متصفاً بالشجاعة والنجدة لا تهزه الكوارث ليتاح له حماية الرعية.
خامساً: الذكورة ـ يجب أن يكون الحاكم ذكراً فلا يجوز ان يكون أنثى، أى لا يصح لامرأة أن تتولى إمارة أو ولاية او خلافة[center][right]
الإثنين أبريل 30, 2012 10:41 pm من طرف abozayed
» مثلث برمودا والمسيح الدجال
السبت أبريل 28, 2012 9:26 am من طرف لوك ايجى
» أسرار مثلث برمودا
السبت أبريل 28, 2012 9:20 am من طرف لوك ايجى
» (كيف تتحقق الإستقامة؟؟) محمد حسان
السبت أبريل 28, 2012 8:42 am من طرف لوك ايجى
» واصبر وما صبرك إلا بالله (محمد حسان)
السبت أبريل 28, 2012 8:38 am من طرف لوك ايجى
» قصة سيدنا يونس عليه السلام (كارتون)
السبت أبريل 28, 2012 8:36 am من طرف لوك ايجى
» تعاليم اسلامية (الصدق)
السبت أبريل 28, 2012 8:34 am من طرف لوك ايجى
» قصة الأبرص والأقرع والأعمى (كارتون)
السبت أبريل 28, 2012 8:31 am من طرف لوك ايجى
» طفل فلسطينى صغير يقاوم الإحتلال
السبت أبريل 28, 2012 8:27 am من طرف لوك ايجى